أنا .. وأنت .. والنافذة


ذات يوم .. جلس وحيداً .. كنت أنظر إليه من بعيد ..


لا أدري لماذا أراقبه ..؟
كان جالساً خلف نافذةٍ زجاجية .. يبدو أن يكتب شيئاً ما ..
كان تارةَ يمسك بالقلم ويكتب وتارةً يحك به شعره ..
أنا أعرف أن الذي يقوم بتلك المداعبة مع قلمه لا يكتب إلا شعراً ..
ترى لمن يكتب ..؟ من يشغل تفكيره ..؟


هل هي قريبة منه أم بعيدة ..؟
هل أعرفها أم لا ..؟
نظرت إليه والشوق لمعرفة حقيقة ذلك الرجل يكاد يدفعني لسؤاله ..
شعرت بتعبٍ في قدماي من كثرة الوقوف ..


بحثت عن المقعد الخاص بي لأجذبه أمام النافذة ..


جلست أراقبه مرةٌ أخرى وهو لا يدري ..
وفجأة .. وقف .. وقفت معه ..


وحين أدار لي ظهره للخروج من الغرفة شعرت بالحزن والأسف ..


فقد تعودت أن أنظر إليه في كل حين ..
وجلست يائسة .. أنتظر .. ولكن .. ماذا ؟؟
لقد عاد ..إنه يقترب من النافذة ..


مدَّ يده إلى الستارة ليغلقها ..
حين وقعت عيناه على نافذتي ورآني ..
لم أستطيع الحراك وكأن قدماي فقدت قواهما ..
نظر إليَّ بتعجب ..


وكأنني أسمعه وهو يدعوني بـ " الجارة المتطفلة " ..
وقبل أن يغلق الستار ..


أرسل إليه بسمةً ساحرة تمنيت لو أنها تطول ..
لقد أغلق النافذة وأسدل ستائرها ..
وكأنه يقول لي : " افعلي مثلي " .. وفعلت ..
أغلقت النافذة ..
وأغلقت معها كل صوتٍ يدعوني إلى الاستطلاع عليه ومعرفة أي شيء عنه ..
وأصبحت النافذة التي كانت تجمع بيني وبينه ..
هي ذاتها النافذة التي فصلت بيني وبينه حتى صرت لا أراه أبداً ..




غيداء الجنوب